مقتطفات من مقابلة أجرتها مجلة التايم الأمريكية مع وزير الحرب الإسرائيلي أيهود باراك تحدث فيها عن عددٍ من القضايا أبرزها الملف السوري والمصري والإيراني والفلسطيني.
التايم: لم يُعِرْ العالم الفلسطينيين أي اهتمامٍ قط، هل بوسع إسرائيل أن تفعل شيئاً أفضل من أبو مازن؟
باراك: لا أعرف. لا أرى أبو مازن جزءاً من المشكلة بقدر كونه جزءاً من الحل. أخشى من مغادرة سلام فياض رئاسة الحكومة الحالية في رام الله، لأنه كان إنساناً بحقّ. لكن أبو مازن موجود اليوم وهو الرئيس، يجب علينا ألا نفكر فيمن سيخلفه، بل يجب التفكير في المضي معه قدماً في عملية السلام.
التايم: حتى هذا الوقت، أصبح خطاب مشعل يميل إلى المقاومة السلمية. هل تعتقد أن الهدوء الحالي والهدنة بين الجانبين ستفضي إلى البعد عن العنف، المتمثل في نهج أبو مازن؟ ناهيك عن أن هناك أشخاصٌ في الضفة الغربية يرون في مشعل خليفةً لعباس.
باراك: ذكر أحد الدبلوماسيين البريطانيين الذين خدموا في إيران لفترة طويلة بأن السياسة الإيرانية قائمة على مبدأ أنهم "لا يقولون ما يفعلون، ولا يفعلون ما يقولون". الأمر ذاته ينطبق على مشعل، لا أعتقد أنه يمكن أن يتغير، هذه أيديولوجية حماس. إذا أردت أن تعرف المعنى الحقيقي لكلمة "هدنة" فارجع إلى كتب التاريخ، حيث زمن النبي محمد وحروبه مع بني قريش. حيث أعلن النبي محمد الهدنة لعدم قدرته على هزيمة قريش، لكنه سرعان ما كون نفسه في تلك الفترة وهزم قريش وانتصر عليهم. هذا هو المعنى الحقيقي لكلمة هدنة.
هذا لا يعني أننا نرفض هدنة تمتد من 50- 100 سنة، لأننا نعرف ما سيحدث لاحقاً. في المقابل، يجب علينا أن نكون أكثر واقعية أن حماس لن تتغيّر. من الطبيعي جداً أن تكون حماس مسئولة عن توفير الدواء والغذاء لمليوني شخص في قطاع غزة، لذلك أصبحت أكثر حذراً لما تقوم به. أنا لا أرى أنهم سيغيرون مذهبهم، إنهم يسعون لتغيير منظمة التحرير الفلسطينية بالكامل وطبيعة الدولة الفلسطينية المستقبلية، وليس فقط رام الله أو قيادة الشعب الفلسطيني.
لكن في نفس الوقت، وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل فإنه يوجد بيننا وبين حركة فتح أرضية مشتركة، على الرغم من أن الأخيرة ترى في إسرائيل عدوّةً لها، إلا أنها ليست كغيرها. إنني أفضل إجراء محادثات مع رام الله وأقول لشعبي ولقادة العالم أجمع أنهم يريدون السلام لأنهم جزءٌ فعّال في نظامنا الأمني والجيش الإسرائيلي.
لذلك، أعتقد أنه يجب علينا أن نجد طريقة للمضي قدماً، لا أستطيع الجزم أن هناك طريقة لحل جميع القضايا الجوهرية. إنني أقول بأن الاحترام المتبادل والعيش جنباً إلى جنب هو ما تريده حركة فتح، لكن إذا أردنا العنف والاشتباك المسلح فإن حماس ستتفوق. لهذا أقول أيضاً لعباس وفياض، لا تخدعوا أنفسكم في أن جمود عملية السلام، والعنف المحتمل سيكسبكم شيئاً، لأنه سينتهي بمواجهة بين إسرائيل وحماس.
التايم: هل أنت متفائل بشأن الربيع العربي؟ وهل تعتقد بأن دول الشرق الأوسط ستصبح أكثر ديمقراطية واستقراراً وازدهاراً وتعاوناً مع إسرائيل؟ أم أنك متشائم؟
باراك: إن ذلك يعتمد على العامل الزمني. لا يجب أن تنظر للأمور وتقول هل أنت متشائم أم متفائل. إذا نظرنا للأمور من زاوية قصيرة المدى فإننا لا نحتاج إلى تقييمات لأن الأمور تبشر بالخير والاستقرار في المنطقة. أما على المدى الطويل، فإن الأمور ستصبح أكثر إيجابية لأننا سنرى الشعوب تقف على قدميها مجدداً وتقرر مصيرها بيدها. لكن على المدى المتوسط، أنا لست متفائلاً لأنني أراه ربيعاً عربياً أخضر، ليس أخضراً من حيث الألوان الطبيعية ولكنه ينطوي على صعود الإسلاميين. لذلك يحتاج الأمر لمزيد من الصبر كي نرى النتيجة. وكما تعلمون النهاية في مصر ليست واضحة وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا، فإذا سقطت سوريا سيسقط محور التطرف المتمثل في إيران وحزب الله.
المصدر: (صحيفة التايم)
بقلم: كارل فيك، كاتب في مجلة التايم
ترجمة: رائد عوض قدورة